لم يكن أحد يتوقع خروج تحالف دول الساحل المعروف ب AES تحالف ليبتاكو غورما الذي يضم كلاّ من مالي وبوركينا فاسو والنيجر في هذا التوقيت الذي يشهد تطورات متسارعة ومتلاحقة سواء على مستوي الانجاز الميداني في الجبهات في كل من مالي وبوركينا فاسو في اطار محاربة الارهاب، وفي مستوى الميدان السياسي بعد تحرير مدينة كيدال المالية والذي كان سببا في امتعاض الجارة الكبرى الجزائر..
فقررت بعدها مالي الانسحاب مما سمي باتفاقية الجزائر بعدما ارتآى قادة باماكو أن هذه الاتفاقية انتهت صلاحيتها بسبب اخفاقاتها التي لم تتمكن من إخضاع الطرف الآخر المتمرد الانفصالي على نزع سلاحه وترك تحرشاته والذي انتهى بحرق سفينة كان على متنها اكثر من ٢٠٠ شخص بهجوم مسلح حرق اكثر من ثلثي العدد.. ولم تتمكن الجزائر حتى ادانة العملية..
وكان الحميع يركز على مباراة مالي والجزائر السياسية وكانوا يترقبون من سينجح في نهاية المطاف لنتفاجأ بهذا الإعلان المشترك وفي توقيت واحد وبشكل رسمي يتم الاعلان بالخروج من منظمة لها ما يقرب من ٥٠ عاما من دول كانت لهم القدح المعلّى في تأسيس المنظمة بالاضافة الى نيحيريا طبعا..
والسبب الواضح الذي ذكروه هو خروج المنظمة من إطار اهدافها التعاونية الاقتصادية إلى اتخاذها كأداة سياسية خاضعة لهيمنة دولة اجنبية كبرى وهي فرنسا..
وذلك بسبب الحصار السياسي والاقتصادي الذي فرضته المنظمة عليهم في كل مجالات الحياة وخاصة النيجر حيث منعوا عنها حتى الدواء...
وفي ظني.. أن غياب ممثلي الايكواس من المجيئ الى النيجر برغم وصول الوسطاء في النيجر واعتذارهم بتعطيل الطائرة في آبوجا عاصمة نيجيريا هو الذي أسرع بهذا القرار..
وهنا نعرف جيدا خطورة الانسحاب وتداعياته على شعوب المنطقة المتلاحمة في منافعها الاقتصادية وتعاملاتها التجارية بيد أن كل ذلك لن يكون لها تأثير سلبي ذو بال بحيث عدم سريان الانسحاب النهائي إلا بعد سنة من الاعلان مما فد يقدم فرصة للتغييرات الممكنة والاستعداد من الجميع في تطويق تداعيات الانسحاب...
وفي وجهة نظري أن القرار كان مزلزلا في المنطقة وقد طغا الحديث عنه في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي وقد كان منتظرا في الأصل لكن ليس في هذا التوقيت..
واما قراءتي لهذا القرار وما يمكن ان يتولد عنه فألخصها في هذه النقاط وهي :
١- أن تحالف الساحل ماض في طريقه نحو الخروج من هيمنة الايكواس ومن وراءها.
٢- أن التحالف يخرج من إطار الأمن والدفاع إلى تحالف سياسي اقتصادي جديد
٢- رسالة لدول الجوار في أن أمن هذه الدول مترابطة فاستهداف مالي من الجزائر مثلا بعتي استهداف لهذه الدول الثلاثة تباعا..
٣- هذا القرار مقدمة مباشرة للخروج من عملة الفرانك سيفا والخروج من التبعية الاقتصادية والسعي من أجل إنشاء بنوك مركزية جديدة للتحالف الجديد.
٤-وضوح الرؤية لقادة التحالف في الخروج من الزاوية وتغيير قواعد اللعبة السياسية وربما طرح بدائل سياسية تختلف عن الرؤية الغربية للممارسة السياسية..
٥- لم يعد مهمّا إجراء الانتخابات بشكل متسرّع كما يحلو لللعص في ظل دول تعاني من مشاكل أمنية وتمردات انفصالية تهدد وجود هذه الدول وكيانها وبالتالي فلا انتخابات مثلا الا بعد استقرار المنطقة بالكامل ومن ثم نأتي الي الانتخابات .
٦- هذا القرار ربما هو مقدّمة أيضا نحو الوحدة بين هذه الدول، ولا أدري كيف سيتم ذلك لكن هناك توجه على أن هذا التحالف سيكسر كثبرا من الصور النمطية التي تعوّدنا عليها من الممارسات السياسية المعتادة..
٧- في حال تمت الوحدة فهذا يعني أن الايكواس ستفقد نصف أراضيها تقريبا حيث تقرب مساحة هذه الدول الثلاثة ل ٣ ملايين كلم°واكثر من ٧٠ مليون نسمة وتقصد جزءا من مراكز اقتصادها وحيويتها الاستثمارية ..
٨- كل هذه الإجراءات لها ثمن غال يجب على الشعوب دفعها وأعتقد أن غالبيتهم يدركون ذلك وأن هذه التضحيات لا بد منها للخروج من عنق الزجاج ما دمنا قد اخترنا هذا الطريق...
٩- هناك من يقول بأن هذه الدول هي، دول حبيسة لا ميناء فيها ولا منافذ بحرية وبالتالي فكيف سنتعامل هكذا.. وهذا صحيح.. لكن لا تنسوا أن هذه الدول ايضا لها مصلحتها في فتح موانئها لهذه الدول وستكون هناك شراكات مع الدول المطلة على البحار...
وقد رأينا كيف تملّصت جمهورية توغو بالأمس من بيان الايكواس بل قد تكون أول دولة تنضم إلى التحالف فيما يبدو..
وهناك موريتانيا ايضا ما زالت علاقتها جيدة وقد رفضت الدخول في لعبة الايكواس ولدينا غينيا ايضا.. فأكيد أن البدائل كثيرة ومتوفرة.
١٠- رواندا المصنفة كأسرع دولة في القارة في النمو الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة لا ننسي أنها دولة حبيسة أيضا لكن لم تمنعها ذلك أن ن تطوّر نفسها وتعقد شراكات قوية مع جيرانها بل ويحكمها شخص واحد منذ ٣٠ عاما