أظهرت دراسة لافتة عن قرارات الناخبين في الانتخابات الكندية أن المرشحين الجذابين شكلياً قد حصلوا على أصوات تزيد على ضعفي ونصف أصوات الأقل جاذبية، رغم أن 73 في المائة من الناخبين أنكروا تأثير المظهر على قرارهم. أبحاث مماثلة أظهرت أن الناس بالفعل تتأثر بمظهر الشخص على حساب مخبره، وكان ذلك جلياً في تجربة شهيرة قام بها باحثون في جامعة مينيسوتا عام 1972 تبين أن الناس تربط صورة الإنسان الجذاب بصفات حسنة أو توقع أهلية صاحبها لمركز وظيفي أو اجتماعي مرموق. وربما هذا ما يدفع بعض المتاجر لتوظيف حسناوات.
وفي دراسة أخرى للباحثين لاندي وسيغال عام 1974 منح المشاركون درجات أعلى للكتاب الأكثر جاذبية حينما طلب منهم ربط الصور المعروضة بالنصوص فاختاروا ربط النص الجيد بصورة الكاتب الأكثر جاذبية!
حين يُبدي مسؤول إعجاباً بشخص من دون مبرر واضح، يثير ذلك دهشة من حوله. إنه «تأثير الهالة» حين يبالغ العقل اللاواعي في تقدير شخص ما إما تحت تأثير الانطباع الأول أو غيره فيغفل عن عيوبه، بل ويصعب على الآخرين إقناعه بخطئه أو تسرعه.
وربما جاء من ذلك مفهوم «الطفل المدلل» الذي يهمس به الناس في أروقة العمل والحياة العامة تجاه من يتخبط في قراراته، لكن أحداً لا يجرؤ على توجيه أصابع الاتهام إليه. هذه الهالة ليست انطباعاً عاماً بل نظرية أشبعت بحثاً في مجتمعات عدة أطلقها الدكتور إدوارد لي ثورندايك.
وقد ارتبطت هذه الهالة قديماً بالتقديس أو صفة الملائكية (الذين لا يخطئون)، وهي نوع من الانحياز الذي يعمي البصيرة عن أخطاء البشر وقصورهم.
غير أن ما يبعث على القلق هو نقيض حالة «تأثير الهالة» (الانطباع الإيجابي) والمعروف بـ«تأثير قرن الشيطان» أو الانطباع السلبي. ففيه يُغالى في كراهية شخص زلّ حتى يُصبح ذلك الانطباع غائراً في نفوسهم بصورة لا تمت للموضوعية بصلة. فيثير ذلك الإحباط في نفوس المجتهدين والمتفانين الذين يخشون أن يكون مصيرهم مثل مصير ذلك المنبوذ. والذي ربما لن تشفع له أعماله المشرفة لاحقاً بسبب فرط التأثر «بقرن الشيطان». وكأن صاحبها صار يتخيل أن هذا الذي يكرهه لن يأتي منه سوى الشر.
«هالة الانبهار الخادع» بمن حولنا قد تُعطل قرارات ومشاريع وأفكاراً خلاقة بسبب المكابرة أو عدم الانتباه إلى خطورة تلك الهالات. فكم من قرار ضل طريقه تحت وهج الهالة.
د.محمد النغيمش
