في صيفها القائظ وجفافها الذي لا يرحم، تشهد المنطقة الآوكارية سكونًا مطبقًا يغلفه الحر والعطش ،هذه الفترة من السنة تُعرف بصعوبتها، ليس فقط على البشر، بل على الحيوانات والنباتات أيضًا ،إذ يصبح البحث عن العشب الأخضر مثل البحث عن السراب في صحراء مترامية الأطراف، ما يضيف مزيدًا من الأعباء على كاهل المنمين.
و تحت شمس الصيف الحارقة، تتشقق الأرض وتتحول إلى رقع من الغبار، حيث تبدو الحياة وكأنها تختبئ من وهج الشمس، المراعي التي كانت في الخريف تفيض بالخضرة والجمال، تصير الآن شاحبة وجرداء، ما يجعل توفير العلف للحيوانات تحديًا كبيرًا.
ومع ندرة الموارد، يجد المنمون أنفسهم مضطرين إلى البحث عن بدائل لإطعام ماشيتهم، مما يزيد من التكاليف والأعباء ،العلف، هذا العصب الحيوي الذي تعتمد عليه حياة الماشية، يصبح في هذه الأشهر الحارة عملة نادرة ،تزداد الحاجة إليه مع كل يوم، ويصبح الحصول عليه معركة يومية يخوضها المنمون بقلوب يملؤها الأمل والقلق معًا.
إنهم يعلمون أن تأمين الغذاء لحيواناتهم ليس فقط ضرورة اقتصادية، بل هو أيضًا واجب إنساني وأخلاقي.
ومع زيادة الحر، تزداد الحاجة إلى المياه ،حيث تتراجع كميات مياه الآبار وتنخفض مستوياتها وتجف منابع المياه وتتضاءل مواردها وتختفي البرك ( اتيمرن ) و تصبح الحنفيات وخزانات الماء هدفًا منشودًا في هذا الوقت من العام.
تتعالى أصوات الحيوانات العطشى، ويصبح توفير الماء للماشية ضرورة ملحة، تكاد تنافس في أهميتها توفير الغذاء ،إنه تحدٍّ يجمع بين القسوة والأمل، بين شدة الحاجة وواجب الوفاء.
الحياة في هذا الوقت من السنة تتطلب تضافر الجهود، فالتعاون والتكاتف بين المنمين يصبح ضروريًا أكثر من أي وقت مضى ،وتوزيع الموارد الشحيحة بعدالة، وتقديم الدعم والمساعدة لمن يحتاجها، هما أساس البقاء في وجه هذه الظروف القاسية.
إن صعوبة الصيف بجفافه وحرارته تذكرنا دومًا بضرورة الاستعداد المسبق، والتخطيط لتجاوز هذه الفترة بتوفير العلف والمياه بشكل مستدام ،و توفير هذه الاحتياجات الأساسية لا يسهم فقط في بقاء الحيوانات، بل يعزز أيضًا من قدرة المجتمع على الصمود أمام تحديات الطبيعة القاسية.
وفي النهاية، يتجلى في أعين المنمين أملٌ لا ينطفئ، وصبرٌ لا ينفد، وإرادةٌ تشتد صلابةً مع كل شروق شمس حارقة. تلك هي روحهم التي تظل تقاوم وتكافح، من أجل حياة أفضل لأنفسهم ولحيواناتهم في وجه صيف لا يرحم.
##آوكار ميديا