هدم مدرسة "أولاد اشيوخ" في تمبدغه: جرح للذاكرة الجماعية وتلاعب بالهوية

في صباح مشحون بأجواء الاستحقاقات الرئاسية، استفاق سكان مدينة تمبدغه على خبر هدم أقدم معلم حضري في المدينة، مدرسة "أولاد اشيوخ"، المعروفة أيضًا بالمدرسة رقم 2. 

هذه المدرسة، التي أسسها المستعمر في نهاية العقد الثاني من القرن العشرين، شهدت تخرج العديد من الساسة والأطر والكوادر الذين ساهموا في بناء تاريخ الدولة الموريتانية المعاصرة.

هدم هذا المعلم الحضري التاريخي لم يكن مجرد عملية إزالة بناء قديم، بل كان ضربة موجعة للذاكرة الجماعية لأجيال متعاقبة. 

فقد ارتبطت ذكريات أجيال العقود العشرة الماضية بهذه المدرسة، وكانت شاهدة على لحظات لا تنسى من تاريخ المدينة وأبنائها. ومن بين جدرانها، خرج الكثيرون الذين تركوا بصماتهم في مختلف المجالات، مشكلين بذلك جزءًا لا يتجزأ من نسيج تمبدغه الثقافي والاجتماعي.

 رمز تمبدغه وحامل هويتها:
تمبدغه، عاصمة ملك إمارة الحوضين ودرة مدائنها، تتربع شامخة في قلوب أهلها، مليئة برفعة وعزة وشموخه ،وهدمها يُعتبر تلاعبًا بذاكرة المدينة الحضارية، وهو أمر يرفضه سكانها بشدة،فالمعالم التاريخية ليست مجرد مبانٍ، بل هي رموز تحمل في طياتها هوية الأمة وتاريخها المجيد.

إن تحطيم هذا الرمز الحضري يمثل جرحًا عميقًا لمشاعر وأحاسيس سكان المدينة، الذين يشعرون بالأسى لفقدان جزء من تاريخهم، وكان للمدرسة حضور قوي في حياة الأجيال التي نشأت في تمبدغه، ومع هدمها، يشعرون بأن جزءًا من ذاكرتهم الجماعية قد تم محوه.

 ذاكرة الأمة وضرورة الحفاظ عليها:
تُعتبر ذاكرة الأمة حجر الزاوية في بناء هوية قوية ومتينة، فأمة بلا ذاكرة تصبح عرضة للمسخ، وهشة الهوية والانتماء، والحفاظ على المعالم التاريخية ليس مجرد حماية للمباني، بل هو حماية للذاكرة والهوية والانتماء.

إن هذا الحدث يدعو إلى إعادة النظر في كيفية التعامل مع التراث الحضاري والتاريخي للمدينة، وضرورة اتخاذ خطوات جادة للحفاظ على ما تبقى من معالمها. فالحفاظ على الذاكرة الجماعية يتطلب وعيًا مجتمعيًا والتزامًا من الجهات المعنية، لضمان نقل هذه الذاكرة للأجيال القادمة.

في النهاية، يبقى صوت سكان تمبدغه عالياً، يطالب بالحفاظ على تاريخهم وهويتهم، مؤكدين أن التلاعب بالذاكرة الجماعية أمر مرفوض ومدان، و الحفاظ على المعالم التاريخية ليس مجرد واجب بل هو التزام أخلاقي تجاه الأجيال القادمة.

##آوكار ميديا